اختتمت يوم الأربعاء الدورة الثالثة من معرض « جيتكس أفريقيا 2025 » في مراكش بعد ثلاثة أيام حافلة بالابتكار الرقمي وتبادل المعرفة. جذب هذا الحدث التكنولوجي الكبير ما يقرب من 45,000 زائر وشهد مشاركة 1400 عارض يمثلون 130 دولة من جميع أنحاء العالم. شكّل المعرض أرضًا خصبة لاستكشاف مستقبل التكنولوجيا في القارة الأفريقية، حيث تجاورت الشركات الناشئة وعمالقة القطاع لتقديم ابتكاراتهم في مجالات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والتحول الرقمي، مع حضور ملحوظ لنماذج مغربية طموحة
حاضنة مغربية بهوية فريدة في المشهد الريادي
لفتت الحاضنة المغربية « ستيشن إيه كوربوريشن » انتباه الزوار والمراقبين خلال المعرض، بفضل نهجها المميز في دعم المشاريع الصغرى. كشف رضوان أكودال، الرئيس التنفيذي للشركة، عن فلسفة المؤسسة موضحًا أنها تجمع بين وظائف الحاضنة والشركة ذات البعد الاجتماعي، بهدف خلق نظام بيئي متكامل لتطوير الشركات الناشئة في مختلف مناطق المغرب، مع رؤية للتوسع المستقبلي نحو القارة الأفريقية
أوضح أكودال أن « ستيشن إيه » تتبنى نهجًا مزدوجًا، يجمع بين المرافقة والدعم المباشر لرواد الأعمال، وكذلك تعزيز القدرات التجارية وخلق منافذ لمنتجات وخدمات هذه المشاريع. من خلال تبني هذا النهج ثنائي الأبعاد، قدمت الشركة خلال مشاركتها في جيتكس نموذجًا عمليًا يوازن بفعالية بين الكفاءة الاقتصادية والتأثير الاجتماعي الإيجابي
حلول مبتكرة لمواجهة تحديات القطاع

تواجه المشاريع الصغرى في المغرب عقبات متنوعة تعيق نموها واستدامتها، مما دفع « ستيشن إيه » إلى تطوير منهجية متكيفة مع هذه التحديات. وفقًا للرئيس التنفيذي، تعمل الشركة على سد الفجوة بين مبادرات الدعم الحكومية والدولية لريادة الأعمال من جهة، ورواد الأعمال أنفسهم من جهة أخرى، من خلال تقديم آليات مبسطة تمكن حاملي المشاريع من الوصول إلى هذه المبادرات التي يصعب الوصول إليها غالبًا
أحد أبرز ابتكارات الشركة في هذا المجال هو نموذج التسويق المتكامل الذي يربط بين العالمين الواقعي والافتراضي. أسست « ستيشن إيه » شبكة من المراكز التجارية الفعلية لعرض منتجات رواد الأعمال، مع تطوير منصة رقمية تقوم على مبادئ التضامن والتكامل بين رواد الأعمال، مما يوفر لهم فرصًا أوسع للوصول إلى الأسواق وتحقيق المبيعات
بصمة محلية بمعايير دولية
يتميز نهج « ستيشن إيه » عن الحاضنات الأخرى من خلال تركيزها الاستثنائي على البعد المحلي المكثف، المعروف بمفهوم « هايبرلوكال »، الذي يأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الثقافية والاقتصادية لكل منطقة تعمل فيها. تضع الشركة كطموح استراتيجي بناء أكبر شبكة من فضاءات الاحتضان المحلية لرواد الأعمال عبر التراب المغربي وفي قلب القارة الأفريقية
منذ بداية مسيرتها في عام 2018، ركزت الحاضنة على إرساء أسس متينة للمشاريع التي ترافقها، متجاوزة مفهوم الدعم التقليدي لخلق هيكل متكامل لهذه المشاريع. أثمر هذا النهج، مما سمح لـ « ستيشن إيه » بتقديم خدماتها لمئات رواد الأعمال وتقديم الدعم لآلاف المغاربة الطامحين إلى تحويل أفكارهم إلى مشاريع ناجحة
أرقام بليغة تشهد على مسار النجاح

استفادت « ستيشن إيه » من حضورها في معرض جيتكس لتقديم المراحل الرئيسية لمسيرتها على مدى خمس سنوات، مقدمة للزوار إحصائيات كاشفة عن حجم مساهمتها في تطوير قطاع ريادة الأعمال في المغرب. تعكس هذه الإحصائيات جوهر الفلسفة التي تتبناها الشركة في خلق قيمة مضافة حقيقية للاقتصاد المحلي
تطوير أكثر من 10 برامج متخصصة للدعم والمرافقة
احتضان ودعم أكثر من 1000 مشروع
مرافقة أكثر من 10,000 رائد أعمال
المساهمة في خلق حوالي 3000 فرصة عمل
تعبئة استثمارات تقارب 150 مليون درهم لصالح رواد الأعمال
توليد ثروة اقتصادية تتجاوز 200 مليون درهم
رؤية تتجاوز الربح لتحتضن التنمية المستدامة
تحمل « ستيشن إيه » شعار « تحويل الأحلام إلى حقائق ملموسة » كبوصلة توجه عملها، وتترجم هذا الشعار من خلال ثلاثية متكاملة من الأهداف الاستراتيجية
تفعيل نموذج تشاركي في بناء وإدارة منصات ريادة الأعمال المحلية، بالتنسيق والتعاون مع مختلف الشركاء في كل منطقة
توليد القيمة والثروة، وإعادة توزيعها في السياق المحلي، من خلال تصميم برامج أعمال متخصصة وإنشاء قواعد بيانات للمشاريع المتكيفة مع خصوصيات كل منطقة
إنشاء تحالفات استراتيجية تجمع بين مختلف الفاعلين من القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني، لتشكيل نظام بيئي متكامل يعزز الابتكار ويحفز النمو الاقتصادي في مختلف مناطق المملكة
نهج متخصص يستهدف القطاعات الواعدة
تستثمر « ستيشن إيه » رأسمالها المعرفي المتراكم عبر خمس سنوات من العمل الميداني في إنشاء حلول مخصصة تلبي الاحتياجات الدقيقة لشركائها. تتبنى الشركة استراتيجية متعددة القطاعات، حيث طورت برامج نوعية تستهدف مجالات حيوية متنوعة تشمل التقنيات الزراعية، وحلول التنقل، والتقنيات الصديقة للبيئة، والحرف اليدوية، وقطاعات الخدمات والتجارة، مع التركيز بشكل خاص على سلاسل القيمة المحلية ذات البصمة الاجتماعية والاقتصادية الإيجابية
تنظم الشركة خدماتها حول ثلاثة أنظمة بيئية أساسية
نظام فكرة: مصمم خصيصًا لاحتضان الأفكار الناشئة وتحويلها من مجرد تصور ذهني إلى كيان اقتصادي مستقل
نظام تمويل: يركز على إزالة العقبات المالية للشركات وربطها بمصادر التمويل المتكيفة مع احتياجاتها ومراحل تطورها
نظام واجد: يستهدف المشاريع القائمة الراغبة في التوسع وتطوير نطاقها التجاري وزيادة قدرتها التنافسية
آفاق مستقبلية: توسع أفقي وعمودي
اختتمت « ستيشن إيه » حضورها في معرض جيتكس أفريقيا 2025 بالكشف عن مشروعها المستقبلي المتمثل في إطلاق منصة رقمية متكاملة للتجارة الإلكترونية، والتي ستشكل جسرًا افتراضيًا يربط المشاريع الصغرى بالأسواق المحلية والعالمية. كشف المسؤولون عن هدف طموح لتوسيع نطاق خدمات الشركة ليشمل 10,000 رائد أعمال وحامل مشروع عبر المغرب بحلول عام 2026
تندرج هذه المبادرة ضمن خطة استراتيجية شاملة تهدف إلى توسيع التغطية الجغرافية لعمليات الشركة، لتشمل مناطق جديدة في المغرب والتوسع نحو أسواق واعدة في القارة الأفريقية. تتضمن هذه الخطة أيضًا تطوير منهجيات جديدة في مجال دعم الأعمال، وبناء شراكات استراتيجية مع مختلف الفاعلين في المشهد الاقتصادي المحلي والقاري
نظرة إلى المستقبل: « ستيشن إيه »، ركيزة للتنمية المتكاملة
تقدم تجربة « ستيشن إيه » نموذجًا مغربيًا ملهمًا في مجال احتضان ودعم المشاريع الصغرى، بمنهجية مبتكرة تحقق التوازن بين الجدوى الاقتصادية والتأثير الاجتماعي الإيجابي، مع احترام خصوصيات كل منطقة ودمج مختلف الفئات الاجتماعية في الدورة الاقتصادية
في سياق إقليمي وقاري يتسم بتحديات متزايدة للمشاريع الصغرى والشركات الناشئة، تكتسي مبادرات مثل « ستيشن إيه » أهمية بالغة في تقديم حلول واقعية وعملية، مبنية على فهم عميق لاحتياجات السوق المحلية والتحديات الحقيقية التي يواجهها رواد الأعمال في بداية مسارهم
وبينما يسعى المغرب إلى تعزيز مكانته كقوة إقليمية ناشئة في مجال التكنولوجيا والابتكار، تمثل نماذج مثل « ستيشن إيه » محركًا أساسيًا لتحقيق هذا الطموح الوطني، من خلال المساهمة في تكوين جيل جديد من رواد الأعمال المغاربة المسلحين بالمعرفة والخبرة اللازمة لمواجهة تحديات الاقتصاد الرقمي ومتطلبات التنمية المستدامة