فعاليات

المغرب يخطو نحو السيادة الرقمية: مناظرة وطنية أولى حول الذكاء الاصطناعي برعاية ملكية

في لحظة مفصلية من مسار التحول الرقمي، وتحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، تستعد العاصمة الرباط لاحتضان حدث غير مسبوق: المناظرة الوطنية الأولى حول الذكاء الاصطناعي، التي تُنظم على مدى يومين في مطلع شهر يوليوز، تحت شعار بليغ وواعد: « استراتيجية ذكاء اصطناعي فعالة وأخلاقية في خدمة مجتمعنا ».

ليست مجرد ندوة علمية أو تظاهرة تكنولوجية، بل منعطف استراتيجي في مسار السيادة الرقمية للمغرب، تؤكد فيه المملكة أنها لا تواكب الثورة التكنولوجية فقط، بل تسعى لقيادتها، وفق رؤية وطنية تتسم بالسيادة والأخلاق والانفتاح على المستقبل.

تتميّز هذه المناظرة بحضور قوي، وعلى رأسهم رئيس الحكومة عزيز أخنوش، إلى جانب مشاركة واسعة لفاعلين يمثلون مختلف مكونات المنظومة الوطنية: قطاعات حكومية، مؤسسات عمومية وخاصة، مستثمرين، شركات ناشئة، جامعات، ومجتمع مدني.

كما ستكون المنصة مفتوحة أيضًا أمام كفاءات مغربية من الجالية بالخارج، تعود بخبراتها المتقدمة للمساهمة في بناء مستقبل الذكاء الاصطناعي في المغرب، انطلاقًا من رؤية جماعية تستند إلى التعاون والاستثمار في الطاقات البشرية.

وزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة في الحكومة ، آمال الفلاح السغروشني، وصفت هذه المناظرة بـ »اللحظة المفصلية » في مسار تعزيز السيادة التكنولوجية للمملكة، مؤكدة أن المغرب يستعد لوضع أسس استراتيجية وطنية متكاملة في مجال الذكاء الاصطناعي، قادرة على تحقيق التوازن بين الابتكار والحوكمة والثقة الرقمية.

وبحسب الوزيرة، فإن الذكاء الاصطناعي لم يعد خيارًا، بل ضرورة استراتيجية، والمغرب عازم على تسريع وتيرة التحول الرقمي ليكون فاعلاً موثوقًا به على الصعيدين الإقليمي والدولي.

ثلاثة عشر قطاع في قلب التحول الذكي

على خلاف المقاربات العامة، ترتكز هذه المناظرة على رؤية تطبيقية تُبرز كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُحدث تحولاً عميقاً في ثلاثة عشر قطاعًا حيويًا، وهي:

الإصلاح الإداري، التعليم، الصحة، الزراعة، الصناعة، الأمن، الثقافة، الإعلام، الرياضة، الحكامة، التعاون الدولي، المقاولات الناشئة، والبنية التحتية.

توزيع هذه المحاور يعكس إدراكاً واضحًا بأن الذكاء الاصطناعي ليس ترفًا تقنيًا، بل أداة جوهرية لإعادة هيكلة الاقتصاد وتعزيز السيادة التكنولوجية والاجتماعية.

برمجة ثنائية الأبعاد: بين التقنية والسياسة

ينقسم برنامج المناظرة إلى شقين متكاملين:

اليوم الأول مخصص للجلسات التقنية القطاعية، حيث سيتم عرض تجارب ومشاريع مبتكرة لشركات ناشئة مغربية تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، مع فتح باب النقاش بين الخبراء والأكاديميين حول سبل التفعيل العملي.

اليوم الثاني يُعنى بالأبعاد السياسية والدبلوماسية للذكاء الاصطناعي، بما في ذلك مكانة المغرب في الخريطة الدولية، والتحديات القانونية، والتعاون متعدد الأطراف مع منظمات وشركاء دوليين.

وفي ختام المناظرة، يُنتظر تقديم خلاصات وتوصيات عملية، إلى جانب توقيع بروتوكولات تفاهم وطنية ودولية، تمهيدًا لإرساء أرضية تشاركية لتفعيل ما سيتم الاتفاق عليه على أرض الواقع.

المغرب في قلب الثورة التكنولوجية

لا تخفى دلالة توقيت تنظيم هذه المناظرة، الذي يتزامن مع فترة احتفالات وطنية كبرى، في رسالة سياسية واضحة مفادها أن التحول الرقمي أصبح جزءاً من العمق السيادي للمملكة، ومكوناً أصيلاً في النموذج التنموي الجديد الذي يدعو إليه جلالة الملك محمد السادس نصره الله.

إنها مناظرة لا تُنتج فقط سياسات، بل ترسي وعياً جماعياً بمستقبل لم يعد بعيداً. مستقبل تتنافس فيه الدول لا على الموارد الطبيعية، بل على العقول، وعلى من يملك بنية تحتية ذكية، وبيئة قانونية مرنة، واستراتيجية وطنية متبصرة

الرهان القادم: التفعيل والتنفيذ

السؤال الأهم الذي سيُطرح بعد انتهاء المناظرة هو: هل سيتمكن المغرب من ترجمة مخرجات هذا اللقاء الوطني إلى مشاريع ملموسة؟

مشاريع تُعزز الاقتصاد، تُعيد هيكلة الخدمات العمومية، وتمنح للمواطن المغربي مكانة فاعلة في التحول الرقمي.

Afficher plus

Articles similaires

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

Bouton retour en haut de la page